مدير التعليم المؤسساتي المدير العام
عدد المساهمات : 806 تاريخ التسجيل : 29/01/2010 العمر : 46
| موضوع: الجيران ...والمظاهر السلبية بينهم الأربعاء يوليو 14, 2010 8:15 pm | |
| لقد جاء الإسلام يدعو إلى تعزيز أواصر المحبة وطرق التقارب بين أفراده , ورسم كل علاقات الناس الإيجابية ودعي إليها , ورعى جميع المصالح للبلاد والعباد , وحذر من جميع المفاسد التي ما إن تقع إلا ويظهر جورها وعنائها على ما بني بين الناس من علاقات يسودها محبة واحترام , وهذا كله من عظيم إسلامنا وكماله وشموليته قال تعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" المائدة3
ومن تلك الروابط الإسلامية الرائعة التي جاء بها الإسلام " رابطة الجوار " والتي لها شأن عظيم ومكانة سامية , لا يدرك ذلك الشأن وتلك المكانة إلا المؤمن الحق , ولقد جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بيان ذلك قال تعالى "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ... الآية" النساء 36 , وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " أخرجه البخاري , وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو شريح رضي الله عنه قال : " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن : قيل : من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه " والبوائق جمع بائقة , وهي الداهية والشيء المهلك والأمر الشديد الذي يوافي بغتة . قال ابن حجر وغيره " إن هذا الحديث ينبئ عن تعظيم حق الجار وأن إضراره من الكبائر " , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤم ن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره " أخرجه البخاري وأخرجه عن أبي شريح رضي الله عنه في لفظ آخر " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " , قال الحسن رحمه الله تعالى " ليس حسن الجوار كف الأذى , حسن الجوار الصبر على الأذى " , وقد قيل : ثلاثاً إذا كن في الرجل لم يشك في عقله وفضله إذا حمده جاره وقرابته ورفيقه , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره " أخرجه البخاري , وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا ذر إذا طبخت مرقه فأكثر مائها وتعاهد جيرانك " رواه مسلم , وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأصحاب عند الله خيرهم لأصحابه , وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " أخرجه الترمذي وغيره . أرأيتم - عباد الله - مكانة الجار وعظيم شأنه في الإسلام , هل استشعرتم مدى تقصيرنا جميعاً في هذه الفضيلة المباركة , هل أدركتم حجم تغافلنا عن ذلك التوجيه الرباني الكريم . ولكي يتضح المقال ولكي أؤكد لكم على أننا مقصرون فعلاً تجاه جيراننا فإنني أذكر تلك المظاهر السيئة والتي نراها بشكل يومي ونسمع عنها الكثير والتي تحصل بين الجيران وتتفاقم بينهم وبسببها تحصل القطيعة والهجران وتزيد نسبة المشاكل اليومية المستمرة بينهم مع أنهم قريبين جداً من بعض ويصلون غالباً في مسجد واحد , والله المستعان .
أول تلك المظاهر السيئة :- عدم التزاور بين الجيران بحجة الانشغال في أمور الدنيا , وهذا يقسيّ القلوب على بعضها , ويزيد من الفرقة بل يزرع الظنون السيئة والعداوة أحياناً , قال عليه الصلاة والسلام : يقول الله تعالى " وجبت محبتي للمتحابين في , والمتباذلين في , والمتزاورين في , اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ". نحن من أفضل السرور ولكن ليس إلا بكم يتم السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودِّي أنكم غبتم ونحن حضور
فأجدُّوا المسير بل إن قدرتم أن تطيروا مع الرياح فطيروا ومن المظاهر السيئة بين الجيران أيضاً :- إشعال نار الخوف بين البيوت , فنجد والله المستعان – من بين جيران الحي الواحد ذلك الجار الذي يحرض أبناءه على ضرب أبناء جيرانه , أو يحرض زوجته على إشاعة البغضاء بين نساء الحي حتى أصبح هذا الجار مصدر قلق وخوف للجميع , بل إنهم أصبحوا يعملون على الاتقاء من شره , والحذر من كيده وخبثه .
ومن المظاهر السيئة بين الجيران أيضاً :- قتل شعيرة السلام وتجاهل الجيران بعضهم البعض عند اللقاءات المتكررة والله تعالى يقول "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" النساء 86 , ويقول عليه الصلاة والسلام " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم , وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه " رواه أبو داود . فسلم أيها الجار على جيرانك وتواضع لربك يرفعك , واخفض جناحك للمؤمنين وإياك والكبر فلن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر كما قال حبيبكم عليه الصلاة والسلام .
ومن المظاهر السيئة بين الجيران أيضاً :- السكوت عن المنكر وعدم الأمر بالمعروف فتجد من الجيران من يعلم بأن فلاناً من أهل الحي لا يصلي أولا يحضر الجماعة فيسكتون عنه وكأن الأمر لا يعنيهم , وتجد بينهم من يعلم أنه أحد الجيران يتاجر بالربا والمقامرة , أو يسمع الأغاني ويرى القنوات الإباحية أو يشرب المسكرات ويتعاطى المخدرات ويسكتون على ذلك كله , والواجب عليهم أن يدعونه إلى الله تبارك وتعالى , وعليهم أن يعلموا أن هذا هو نهج محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108 , ويقول عليه الصلاة والسلام ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) .
ومن المظاهر السلبية بين الجيران أيضاً :- أن يوجد بينهم من يحتاج إلى العون والمساعدة أو إلى الرعاية والاهتمام ولكن لا يلتفتون إليه ولا يؤولونه اهتماماً , كم بيننا فعلاً أيها الأحبة من فقير ينتظر من يفزع له بلقمة تسد جوعه , ومن يتيم يأمل في لمسة حانيةٍ تشعره بالأمان , وكبير في السن يتمنى من يجلس معه ليدخل السرور في قلبه وينسيه ألام الكبر وهموم الدنيا , ولكن للأسف قد تجاهل الجيران كل أولئك الأشخاص من أصحاب الحاجة والعوز فقست القلوب بعضها على بعض , وازدادت مساحة اللامبالاة والعبث الاجتماعي في حياتنا , عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه , ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته , ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلم ستره الله يوم القيامة " متفق عليه , وهذا في شأن المسلم على وجه العموم فما بالكم بحق الجار على جاره .
ومن المظاهر السلبية بين الجيران أيضاً :- أن تجد الخصومة والعداء بينهم أو بين مجموعة منهم ولا يوجد من يسعى من الجيران للإصلاح بينهم , ولو عمل كل حي لجنة للإصلاح لما وجدت تلك الظعائن والمشاكل المتكررة بين الجيران , فالله الله في الصلح بين المتخاصمين من جيرانكم فربكم جل وعلا يقول : {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }النساء114 .
أحبتي .... كم نحن في حاجة ماسة نحن جيران الحي الواحد على أن نراجع حساباتنا مع بعضنا البعض , وان نحاول أن نزيل تلك الرواسب التي تزرع بيننا بين الفينة والأخرى .
الجار أيها الأحبة .... حقه عظيم , وقدره كبير , وشأنه رفيع , فاحذروا أن تحقروا من مكانته , أو تنزلوا من قدره , مهما كان وحصل , محتسبين بذلك وجه الرب جل وعلا , مبتغين بذلك جنته ورضوانه "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ... الآية "النساء 36 .
وفق الله الجميع لطاعته , وأعاننا جميعاً على القيام بحق الجار , وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً | |
|